معاون مدير هيئة ذوي الاعاقة علي المنصوري.. حينما تتجسد الانسانية والرحمة في رجل واحد

معاون مدير هيئة ذوي الاعاقة علي المنصوري.. حينما تتجسد الانسانية والرحمة في رجل واحد
الفجر نيوز/ سعاد الشاهين
كان العراق وما زال منبع الاصالة والحضارة والعراقة، ومصدر لكل الثقافات والعلوم والمعارف، واساس الاخلاق والطيبة والرحمة والغيرة والشهامة.. وها هو اليوم يتجسد في ابناءه المخلصين الذين عشقوا البلد وذابوا في حب شعبه.حيث وخلال تغطيتنا الاعلامية المتواصلة في مختلف دوائر الدولة ومؤسساتها، حطت رحالنا اليوم في هيئة رعاية ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة، التي تتحمل مسؤوليات كبيرة وجسيمة تجاه شرائح مهمة في المجتمع وما يرتبط بها من تحديات ومعوقات ومصاعب.
كنا نتصور وبحكم الزخم والكثافة الكبيرة للمراجعين، وتشعب الطلبات والامور، وكثرة الاحتياجات والمآسي الانسانية، ان يكون العاملون في هذه الهيئة مشدودي الاعصاب ويتعاملون بفظاظة، كما رأينا في بعض دوائر الدولة، الا ان ما رأيناه كان امرا يبعث على السعادة والفرح والفخر معا.
حيث صدمنا حقيقة بالتعامل الاخلاقي الطيب والاسلوب الراقي الذي يبديه معاون مدير هيئة ذوي الاعاقة والاحتياجات الخاصة المبرمج علي المنصوري تجاه الجميع دون استثناء، رغم زحمة العمل وما يتضمنه من معاناة ومتاعب لا حصر لها.
حيث خلال تواجدي في الهيئة قرابة الساعة، لم اجد احد من المراجعين يشتكي او يتذمر او يتحدث بسوء عن المسؤولين في الهيئة، بل ورأيتهم يمدحون المدير والمعاون بالخصوص، حيث اشادوا به وبتعامله الطيب واخلاقه العالية، فشدني ذلك الى التعرف على هذا الرجل واللقاء به، لاتبين صدق ما يقا عنه، علما اني لم اكشف له عن صفتي الصحفية والاعلامية خلال تلك الفترة، بل كنت كمواطنة عادية لا افرق عن البقية.
فاستأذنت للدخول الى غرفة المعاون الاستاذ علي واستأذنت بالجلوس، فهالني ما رأيته ولمسته، بل كان الرجل اكبر من كل وصف ومدح، حيث لم اجده متذمرا او غاضبا او متكبرا على المراجعين، بل كان يتميز بالخلق العالي والاسلوب اللطيف والكلمات الطيبة التي تنطلق من اعماق قلبه وضميره الحي الصادق.
كانت مشاعري لا توصف وفرحتي كبيرة بهكذا طاقات شبابية وقدرات وامكانيات كبيرة وتمتلك مثل هذا الخلق والالتزام والحرص، ولكن بنفس الوقت اصابني الحزن لما رأيته من حالات انسانية غاية في الالم والفظاعة، حيث هناك مواطنين يعانون من اوضاع معيشية صعبة.. قد اكل الفقر وجوههم، وغير ملامحهم، وذبلت شفاههم، وهم يرجو ويأملون ان تقوم الحكومة بمد يد العون لهم ومنحهم ولو جزءا يسير يسدون به رمقهم وجوعهم.
حقيقة، كان المعاون المنصوري يتصبب عرقا ويشعر بالخجل والاحراج امام هؤلاء الفقراء، لانه لا يملك حلا لهم، وليس بيده ما يقدمه لهم غير كلماته الطيبة وروحه الحنينة وامنياته القلبية بان تستجيب الدولة لمناشداتهم وطلباتهم، رغم ان قلبه يعتصر الما ويكاد ان يبكي وتغلبه الدموع حسرة على ما وصلت اليه حال الناس.
وهنا اوجه رسالتي الى الحكومة والمسؤولين فيها، واقول لهم: اين انتم من معاناة شعبكم ومآسيهم؟ هل تشعرون بانكم قد اديتم واجبكم تجاه الفقراء والمرضى والمساكين؟ لماذا لا تسارعون الى ايجاد الحلول لهذه الطبقات التي ما زالت تأن وتبكي لسنوات طويلة دون حل؟
حقيقة، ان الحالات التي رأيتها تثير في شجون واحزان كبيرة، لان هناك الكثير من المرضى وذوي الاعاقة الذين يعانون في التنقل من مناطقهم الى الهيئة لمراجعة اللجان والفرق الطبية وانجاز ما يتعلق بمعاملاتهم واجراءاتهم، وهنا نتسائل: لماذا لا يتم تشكيل لجان خاصة في كل ناحية او قضاء او مدينة لكي يقوموا بمراجعتها بدل هذا التعب والارهاق وانفاق مبالغ على الاجور والمواصلات.
بعدها ذهبت في جولة الى موقع اللجان الطبية في منطقة الحسينية، وايضا رأينا الكثير من المعاناة والمآسي التي تدمي الفؤاد وتجرح النفس، حيث هناك الكثير من الحالات المختلفة والمؤلمة التي شاهدناها خلال الفحص الطبي، والتي ادت الى تأثري بها بشكل لا يصدق.
وانا ومن خلال هذا المنبر، اخاطب كل من لديه ضمير حي، وبالخصوص رئيس الوزراء ورئيس البرلمان وكل الجهات ذات العلاقة في البلد، التفتوا الى شعبكم، سارعوا الى انقاذ مواطنيكم واهلكم الذين يموتون جوعا وحسرة وهضما وقهرا، لقد اصبح الكثير من الناس يعانون من امراض نفسية وجسدية غير اعتيادية، وقسم منهم يفكرون في الخلاص من الحياة لما رأوه من معاناة لا تحتمل.
اين الخيرين والشرفاء في هذا البلد الذين يهبون لتغيير واقع حال ابناء شعبهم، من الفقر والحاجة، وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل وشمول ذوي الدخل المحدود براتب الرعاية العاطلين، والاهتمام بشريحة النساء والمطلقات والارامل وتوفير ما يحتاجونه، لان هناك قسم كبير منهن يواجهن ظروفا قاسية جدا وحالات نفسية تفتت الصخر وتهد الجبال، ومنها شابة صادفتني بكيت لحالها بعدما عرفت انها فقدت كل شيء في الحياة وتعاني الامراض والعقد.
ولكن ما يخفف الالام ويهون المصاب، ان هناك رجل بقيمة الاستاذ علي محمود المنصوري في هذه الهيئة، الذي استطاع ان يكون ابا رحيما لهذه الفئة المظلومة ويساهم في توفير ما يحتاجونه ويساعد الكثير منهم.. فالف تحية لك ايها العراقي الاصيل.. فكلنا نفتخر بك وبعملك المخلص والمثمر.